الجمعة، ديسمبر 28، 2012

تنــــــــــــويه .. !!




سوف يتم اعادة طرح كتاب :

" النبوة .. من علم العقائد الى فلسفة التاريخ "
للدكتور علي مبروك 

على هيئة محاضرات تم تدريسها عام 1999م
 لطلبة الفرقة الثانية 
-كـلية الآداب / قسم الفلسفة -
بمعـــدل محاضرة كـــل اسبوع
بــدءاً من العــــــام الجـديــــد 2013 

وبتلك المناسبة يتمنى لكم الدكتور على مبروك عاماً جديداً سعيداً



الخميس، ديسمبر 27، 2012

المصـريون والحـرية




رغم أن الحرية كانت أحد أهم المطالب التي دوت بها حناجر الخارجين علي مبارك‏,‏ علي مدي الأيام السابقة علي رحيله‏,‏
 فإن نظرة على ما جري على مدار الأشهر العشرين التي أعقبت السقوط المدوي لنظامه, لتكشف عن الاتجاه إلي الإثقال علي المجالين العام والخاص بالمزيد من القيود والكوابح, بدلاً من التخفيف عنهما وتحريرهما; بما يفتح الباب لإخراج مصر من الأزمة التي تتخبط فيها علي مدي عقود.

ولسوء الحظ, فإنه يجري الترويج لهذا الإثقال علي مصر, بأنه نتاج الإرادة( الحرة!) للمصريين; وعلي النحو الذي يجري فيه الإيهام بأن هذا الفعل المهدد للحرية, هو- نفسه- فعل حرية. 

وبالطبع فإن ذلك لابد أن يفتح الباب أمام التساؤل عن مشروعية أن تلغي الحرية نفسها, وعما إذا كان ممكناً للناس أن يلغوا حريتهم ويهربوا منها, وهل يكونون أحراراً بالفعل حين يقومون بذلك, أم أنهم يكونون مجبرين علي ذلك, حتي وإن بدا أنهم يفعلونه بإرادتهم؟.


يكشف ما سبق لعالم التحليل النفسي الأمريكي إريك فروم القيام به في كتابه الشهير الهروب من الحرية
- الذي خصصه لتحليل تجربة الشعب الألماني أثناء الحقبة النازية-
 عن حقيقة أن الناس يكونون مجبرين علي هذا الهروب من الحرية, حتي وإن بدا أنه يكون إرادة لهم.
 فقد كشف له تحليل تلك التجربة الأليمة عن أن رضوخ الألمان لسلطة الفوهرر المطلقة, لم يكن اختيارا لهم, بقدر ما كان فعل اضطرار دفعت إليه الظروف القاسية التي واجهتها ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب الأولي;
 وبكل ما ترتب عليها من نتائج كارثية لا تقف عند حدود السياسة والاقتصاد, بل تتجاوزها إلي ما كان يعتمل في النفسية الجريحة للشعب الألماني.
 وبالطبع فإن كون الأسباب المحددة للفعل لا تقف عند حدود ما يمسك به الوعي, بل تتجاوزه إلي ما يرقد تحته في الأغوار السحيقة للمكبوت اللاواعي للشعوب, ينتهي
- وبالضرورة -
 إلي أن الفعل الصادر عنها لا يمكن أن يكون فعل حرية واختيار, بقدر ما هو- وبيقين- فعل اضطرار.

لم يكن الألمان, إذن, أحراراً في هربهم من حريتهم,
 بل كانوا تحت وطأة ضغوط لم تسمح لهم بغير ما فعلوه.
 إن ذلك يعني - ومن دون أي مواربة - أن فعلاً يلغي الحرية
لا يمكن أن يكون- هو نفسه - فعل حرية;
 وفقط فإن الضغوط والإكراهات التي تحدده وتتحكم فيه تتواري عن وعي صانعيه, فيجعلهم هذا التواري يتصورون أن فعلهم حر, وهو ليس كذلك بالفعل.
وبالطبع فإن ما يثير الالتباس, بهذا الخصوص, هو أن هذه الإكراهات والضغوط تكون علي قدر من الرهافة, لا يسمح لها بأن تكون موضوعا لوعي مباشر.
 ويرتبط ذلك بأنها لا تكون عوائق خارجية يسهل علي الوعي ملامستها والإمساك بها, بل تكون جزءاً من البنيات الداخلية الأعمق( النفسية والذهنية) للجمهور; وبما يعنيه ذلك من أن توجيهها لهذا الجمهور يكون خارجا عن سيطرة وعيه علي نحو كامل.
 إن ذلك يعني وجوب السعي إلي الكشف عن هذه الإكراهات المتخفية, ووضعها تحت بصر الجمهور, ليتسني الانتقال به إلي مقام الفاعل الحر حقا.

 ومن دون ذلك فإن الفعل الصادر عن هذا الجمهور سيظل فعل لزوم وإجبار, حتي وإن توافرت له كل الأدوات الخارجية التي تتحقق من خلالها أفعال الاختيار, كالانتخابات وغيرها.
وإذ لا يمكن الشك أبداً في أن مجمل هذه الإكراهات الرهيفة الناعمة تفعل فعلها في المشهد المصري الراهن,
 فإن فعالية الشرط المعرفي من بينها تبدو الأكثر اشتغالا في تفسير ما يظهر من الإثقال بالقيود والكوابح علي المجالين العام والخاص.
وهنا تأتي المفارقة من أنه إذا كان فعل المعرفة هو الجوهر العميق لفعل الحرية, فإنه يبدو وكأنه يمثل
- في الحال المصري -
 جوهر ما يتهدد الحرية الحقة للمصريين.
 وهنا يلزم التنويه بأن التأكيد علي أن تصور الحرية, ومعها المعرفة, كفعل إنما يرتبط بوجوب إدراك الواحدة منهما كممارسة مفتوحة, وليس كجوهر أو معطي ثابت;
 وهو أمر له دلالته القصوي.
 حيث إن تصور المعرفة, مثلا, كمعطي ثابت; علي النحو الذي يجعل منها معرفة مطلقة وموهوبة من مرجعية عليا
( لن تتردد عن فرض نفسها كسلطة كهنوت),
 لا يمكن أن يؤسس لحرية حقة, بل إنها ستكون, بدورها, هبة يستطيع من يهبها أن ينتزعها حين يشاء.

 وحين يدرك المرء أن ثمة من قد سعوا, بالفعل, إلي تثبيت مفهوم المرجعية الحاكمة عند الخلاف( حول الشريعة)
 في الدستور المصري الجديد,
 فإن له أن يقدر حجم ما يتهدد مستقبل الحريات في مصر.
 وإذ يبين أن الجماعات السلفية كانت هي الأعلي صوتاً في الدعوة إلي تثبيت مفهوم المرجعية في بنية دستور ما بعد الثورة المصرية الذي جري الاستفتاء عليه,
 فإن ذلك يرتبط بما أكده الآباء المؤسسون للخطاب السلفي من عدم جواز أي معرفة إلا عبر الابتداء بتثبيت مرجعية تقوم مقام الأصل الذي يحدد ما يمكن القبول به منها, وما لا يمكن أن يكون مقبولا أبدا.

 يقول صاحب كتاب( الحيدة وانتصار المنهج السلفي):
 لابد من أصل يرجع إليه عند الاختلاف...,
 فنؤصل بيننا أصلاً, فإذا اختلفنا في شيء من الفروع رددناه إلي الأصل, فإن وجدناه فيه( قبلناه), وإلا رميناه, ولم نلتفت إليه.

إن ذلك يعني أن ما يبين من سعي السلفيين إلي الإثقال بالقيود علي حرية التفكير من خلال تثبيت مفهوم المرجعية في الدستور, هو محض انعكاس لنظام المعرفة الذي صاغه الآباء المؤسسون.
ولعل ذلك يعني أن تحول المعرفة إلي عائق يتهدد الحرية إنما يرتبط بكيفية انبنائها; وأعني بما إذا كانت تنبني كممارسة مفتوحة
( تكون فيها شئون الناس موضوعا لحوار العقلاء),
 أو تنبني كهبة معطاة من سلطة أو مرجعية عليا, تقع خارج دوائر النقاش والسؤال.
 وغني عن البيان أن انبناءها, كهبة معطاة من سلطة ما,
 هو أخطر ما يتهدد آفاق التحول الديمقراطي في مصر;
وأعني من حيث تكون المعرفة, علي هذا النحو, إطاراً لترسيخ العقل التابع
(الذي تحيل تبعيته إلي خضوعه),
 بدل أن تكون ساحة لانبثاق وتبلور العقل الناقد بما يحيل إليه من قدرة علي التفكير المستقل, التي هي بمثابة الشرط المؤسس لكل حرية.
ولأنه ليس من المتوقع أن يتحقق تحول سريع في نظام إنتاج المعرفة الغالب علي الجمهور في مصر
(لأن هذا النوع من التحول يكون في حاجة إلي زمن متطاول نسبيا),

 فإن للمرء أن يتوقع أن تدوي حناجر المصريين من أجل الحرية, بعد زمن قد يطول أو يقصر,
 ومع الأمل بأن يكونوا قد انتقلوا بالمعرفة, حينها,
 من مقام المعطي الجاهز
( وهو النمط الذي يمثل الجذر الغائر لكل استبداد),
إلي وضع التكوين المفتوح
( علي النحو الذي يجعل منها, هي نفسها, فعلاً تحررياً)
وذلك لكي يحرثوا البحر من جديد.

تم النشر في جريدة الأهرام بتاريخ 27 ديسمبر 2012


الأحد، ديسمبر 23، 2012

الخميس، ديسمبر 13، 2012

آلية التفكير الحاكمة لكتابة الدستور





لابد من التنويه ـ منذ البدء ـ
بأن الوثيقة الأولية التي طرحتها الجمعية الموكول إليها كتابة دستور
ما بعد الثورة في مصر‏,‏ للنقاش العام‏,‏
إنما تكشف ـ وعلي نحو نموذجي ـ
عن طبيعة الآلية التي يشتغل بها العقل المهيمن في عالم العرب منذ آماد بعيدة;
 وهي آلية الجمع التجاوري,
 بكل ما تقوم عليه من الإلحاق القسري والتلفيق بين عناصر لا تأتلف ويصادم واحدها الآخر,
وعلي نحو لا تقدر معه علي الإنتاج المثمر أبدا.
وللإنصاف فإن هذه الوثيقة لا تختلف عن غيرها مما أنتجته النخبة المصرية
 علي مدي تاريخها الطويل;
 وأعني منذ ابتداء تشكلها في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وفقط فإنها كانت تتقن تشكيل وزخرفة ما تنتج فيما سبق;
وبحيث كانت تنجح في إخفاء عوار تفكيرها وراء بلاغة الصياغة وبهاء التعبير,
 وأما الآن فإنها قد بلغت حدا من الانهيار والتدهور راحت معه تضيف إلي فقر الفكر وهشاشته بؤس الأسلوب وركاكته.

والحق أنه إذا كان ما تشهده مصر من الارتباك والتخبط,
 علي مدي الشهور التي أعقبت رحيل مبارك, يكشف عن تردي نخبتها علي صعيد الممارسة والعمل,
 فإن هذه الوثيقة تشهد علي بلوغها الحد الأقصي من التراجع والتردي,
علي صعيد النظر, أيضا.
فعند ابتداء لحظة التشكل قبل انتصاف القرن التاسع عشر,
 كان الأب المؤسس( الذي هو الطهطاوي) يدشن تلك الآلية,
 في صورتها التي لا يزال ورثته يحتذونها, علي مدي القرنين تقريبا, للآن.
 وللغرابة فإنه إذا كان حقل تدشينها ـ مع الرائد المؤسس ـ
 هو التأسيس السياسي لدولة الباشا, فإنها تعود للاشتغال,
 علي نحو لافت, عند ورثته الحاليين في إطار انهماكهم في كتابة الدستور
 الذي هو الوثيقة الأرفع في مجال التأسيس السياسي لدولة ما بعد الثورة.
لا يعني ذلك ـ بالطبع ـ أن آلية الجمع التجاوري لا تعمل في غير هذا المجال,
 بقدر ما يعني أن حقل التأسيس السياسي هو أبرز حقول اشتغالها.
وهكذا فإنه إذا كان الطهطاوي قد مضي
 ـ في سياق كشف الغطاء عن تدبير الفرنساوية, مستوفياً غالب أحكامهم ليكون تدبيرهم العجيب عبرة لمن اعتبر ـ
 إلي إن ملك فرنسا ليس مطلق التصرف, وإن السياسة الفرنساوية هي قانون مقيد; بحيث إن الحاكم هو الملك بشرط أن يعمل بما هو مذكور في القوانين التي يرضي بها أهل الدواوين, فإنه يضع إلي جوار ذلك قوله
ـ كاشفا الغطاء عن تدبير دولته المصرية ـ
إن للملوك في ممالكهم حقوقا تسمي بالمزايا, وعليهم واجبات في حق الرعايا.

فمن مزايا الملك أنه خليفة الله في أرضه,
 وأن حسابه علي ربه, فليس عليه في فعله مسؤولية لأحد من رعاياه,
وإنما يذكر للحكم والحكمة من طرف أرباب الشرعيات أو السياسات برفق ولين, لإخطاره بما عسي أن يكون قد غفل عنه, مع حسن الظن به.
 وإذ لا يفعل الرجل, هكذا, إلا أن يجاور بين الاعتبار بالتقليد الليبرالي الحديث,
 وبين التأكيد علي التقليد السلطاني الموروث;
فإنه كان يؤسس لما سيمضي إليه الورثة الحاليون من النص
 ـ  في المادة(6) من الوثيقة الأولية للدستور ـ
علي أن النظام الديمقراطي( المنتمي إلي التقليد الليبرالي الحديث)
يقوم علي مبدأ الشوري
( المنتمي إلي التقليد السلطاني الموروث;
 والذي يقصر الطهطاوي دلالته علي تذكير أرباب الشرعيات أو السياسات للحاكم بما عسي أن يكون قد غفل عنه برفق ولين).
ولسوء الحظ, فإن التجاور بين الأطراف, علي هذا النحو,
 لا يسمح للواحد منها أن ينفتح علي الآخر, مؤثرا فيه ومتأثرا به,
 بل يبقي منغلقاً علي نفسه,
 وساعياً إلي إقصاء غيره;
وبما يعنيه ذلك من أن التناحر والخصومة تكون هي مآل العلاقة
بين أي أطراف متجاورة.
 ولأن هذه الأطراف لا تكون متعادلة في عمق الحضور والقوة,
 بل إن منها ما يكون أقرب إلي القشرة الطافية علي السطح
( التي تشتمل علي كل ما ينتسب إلي التقليد الحديث),
 ومنها ما يمارس في العمق هيمنة لا تقبل التحدي
( ويشتمل علي كل ما ينتمي إلي التقليد الموروث),
 فإنه لابد من تصور أن ما سيجري إبعاده عن مجال الاشتغال الحقيقي
 هو الطرف( الحديث),
 الذي لن يكون مسموحا له بالحضور إلا كقناع يتجمل به التراث, متي شاء.

وهكذا فإنه إذا كان التقليد السلطاني الراسخ قد انتهي, مع الطهطاوي,
إلي إزاحة القول الليبرالي الناشئ,
 وأحاله إلي مجرد برقع يستتر وراءه, فإن الأمر لن يختلف مع ورثته الذين يكتبون الدستور الآن.
وبالطبع فإن قدرة الموروث علي فرض هذه الهيمنة الكاملة تتآتي من ربطه بالدين; وذلك علي الرغم من أن ما يجري استدعاؤه من التراث للاشتغال السياسي الراهن, ويجري تنسيبه للدين,
 هو ـ في معظمه ـ قواعد للضبط السياسي والاجتماعي التي تضرب بجذورها في التاريخ, وليس في الدين.
 وحين يضاف إلي ذلك, أيضا, أن الديني نفسه يكون موضوعاً لقراءات تأويلية تخضع, بطبيعتها لجملة المحددات الاجتماعية والسياسية
التي تفرضها لحظة إنتاجها;
 وبما يعنيه ذلك من أن التاريخ يدخل في تركيبها, لا محالة,
فإن ذلك يعني أن كل ما يجري استدعاءه من التراث,
 ليتحدد به المجال السياسي الراهن,
هي جملة تراكيب أنتجها البشر, ويلعب التاريخ دورا جوهريا في بنائها.
 وبالطبع فإنه لا يجري السكوت, فحسب,
 عن المحددات التاريخية لهذه التراكيب التي أنتجها البشر,
 بل ويجري تنسيبها إلي الدين, لتكتسب قداسته,
وتستقر في الوعي ـ وحتي اللاوعي ـ
كدين واجب الإتباع; وذلك هو الأصل في كل تلاعبات جماعات الإسلام السياسي.

ومن جهة أخري,
 فإن كون ما يجري وضعه في الدستور,
 من القواعد والمبادئ الحديثة ليس لها مثيل التاريخ المتجذر الطويل
 للموروث الكامن,
 فإن حضورها يكون هشاً وقابلاً للإطاحة به,
 عندما يثور بينهما أدني اختلاف.
 ولسوء الحظ,
فإن ذلك يعني أن ما تنشأ الدساتير من أجل تحصينه والإعلاء من شأنه
( من قبيل المساواة بين المواطنين وحظر التمييز بينهم بسبب الدين أو المذهب أو الجنس,
 وتثبيت مبدأ تداول السلطة والرقابة عليها,
 وإمكان محاسبة القائمين عليها, وغيرها من المبادئ التي بلغتها الإنسانية عبر مسار تطورها الطويل)
سوف تكون موضوعا للتهديد, علي نحو كامل,
 بسبب ما يقوم إلي جوارها مما يفتح الباب واسعاً أمام القفز علي كل ما تلزم به. وهكذا فإن أحداً لا يجادل في أنه سيتم النص, في الدستور,
 علي كل المبادئ العليا المنصوص عليها في الدساتير الحديثة,
ولكن المجادلة تتعلق بأن ما سيقوم إلي جوارها,
 من تركيبات تراثية سوف يجعل منها مجرد إكسسوارات للتجمل والزينة, 
لا غير.

تم النشر في جريدة الأهرام بتاريخ 13 ديسمبر 2012





الاثنين، ديسمبر 03، 2012

حوار الدكتور علي مبروك مع حركة مصر المدنية




5 / نوفمبر /2012
حـــديث عـــن الفـلـسـفــــــــة



12 / نوفمبر /2012

د, علي مبروك : العقل النقدي والعقل التبعي






20 / 11 / 2012

د. علي مبروك: اشكالية الدستور القادم