الأربعاء، مايو 13، 2009

عن البناء الأشعري الفقير لفعل الوعي



إذا كان قد بدا أن سعياً للإنفلات من سطوة الأشعرية
 هو مما يستحيل تماماً إلا عبر مقاربة لها،
 تتجاوز مضمونها ومحتواها
 (وقد بدا أن نقدهما أو حتى تقويضهما لا يمنع من إعادة إنتاجها)
إلى صميم بنيتها ونظامها الأعمق،
 فإن نقطة البدء في هذه المقاربة لابد أن تنطلق من ضرورة الإحاطة ببناء فعل الوعي داخلها (أي الأشعرية)،
 ليس فقط لأن بناء الوعي هو نقطة البدء في بناء النظام الأشعري بأسره،
 بل ولأن طبيعة تصوره قد انعكست بقوة على بناء معظم العناصر الجزئية التي تشكل مجمل المنظومة الأشعرية.
 ولعل أول ما يمكن ملاحظته هنا أن التصور الأشعري لمفهوم الوعي يكاد أن يقف به عند حدود كونه مجرد نوع من الاستدلال الفقير الذي يقتصر عمل الوعي ضمنه على مجرد " الإحاطة بوجه تعلق الدليل بمدلوله".
فإذ العلم (الذي جرى التنويه بأن المقصود به طرائق وآليات إنتاجه؛ أو فعل الوعي، وليس أبداً مضمونه)
 ينقسم- حسب الأشاعرة- إلى علم ضروري وآخر نظري،
 فإن تعريفهم للعلم الضروري بأنه :
" علم يلزم نفس المخلوق لزوماً لا يمكنه معه الخروج عنه، ولا الانفكاك منه، ولا يتهيأ له الشك في متعلقه ولا الارتياب به.
 وحقيقة وصفه بذلك في اللغة أنه مما أُكره العالِم به على وجوده لأن الاضطرار في اللغة هو الحمل والإكراه والإلجاء"،

يكاد يخرج بهذا الضرب من العلم عن حدود مفهوم الوعي من حيث هو نشاط وفاعلية للعقل
 (يمارس خلالها ضروباً من التحليل والتركيب والتجريد والتصنيف والمقارنة وغيرها)،
 بينما الإدراك يكون- بحسب هذا التصور للعلم الضروري-
معزولاً عن أي فعالية إنسانية ابتداء من أنه "مما أُكره العالِم به على وجوده"،
ومن غير أن يمكنه "الخروج عنه، أو الشك في متعلقه".
وفي المقابل،
 فإن تعريف العلم النظري بأنه " ما احتيج في حصوله إلى الفكر والروية، وكان طريقه النظر والحجة، ومن حكمه جواز الرجوع عنه والشك في متعلقه"،
 يكاد يطابقه مع مفهوم الوعي على نحو كامل؛
 وأعنى من حيث يبدو نشاطاً للعقل تتجلى فيه فعاليته عبر الفكر والروية والنظر والشك.
 ومن هنا أن حدود هذا العلم النظري- وليس الضروري-
 تمثل المجال لأي سعى إلى اكتناه طبيعة فعل الوعي وحدوده في النظام الأشعري.
 فإذ يخرج العلم الضروري عن كونه مقدوراً للإنسان
لأنه" يلزم نفسه لزوماً لا انفكاك منه"،
 وبالتالي فإنه ليس ثمة من فاعلية للإنسان ضمنه أبداً؛
 فإن للإنسان- في إطار العلم النظري- "قدرة محدثة عليه".
 وبالطبع فإن هذه القدرة، أياً كان مُحدثها، هي السمة الجوهرية للوعي من حيث هو نشاط وفاعلية للإنسان.
 لكنه يبقى أن ما صارت إليه الأشعرية من اختزال هذا العلم النظري في مجرد الاستدلال -انطلاقا من "أن كل ما عدا (العلم الضروري) هو علم استدلال"-
 كان لابد أن يئول إلى إفقار مفهوم الوعي، أو حتى إهداره، على نحو كامل.

فإذ الاستدلال "هو نظر (المستدل) في الدليل وطلبه به علم ما غاب عنه"،
فإن ما صاروا إليه من
"إن الدليل هو ما أمكن أن يُتوصَل بصحيح النظر فيه إلى ما لا يُعلم باضطرار"
، إنما يكشف عن تمييز أشعري في "النظر" بين صحيح وفاسد؛
 وهو التمييز الكاشف، بدوره، عن أن النظر ليس أبداً فاعلية حرة، بقدر ما هو فاعلية مقيدة ومشروطة بشيء خارجها.
إذ الحق أن معيار صحة النظر أو فساده لا يقوم داخله،
أو يرجع إلى علة في ذاته، بقدر ما يقوم هذا المعيار خارجه؛
وأعنى فيما ينتجه ويفضى إليه.
 فإذ مضى "الجويني" إلى أن
"أول ما يجب على العاقل (هو) القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم"،
 فإنه كان يحدد ماهية النظر الصحيح بأنه المفضي إلى العلم بخلق العالم وحدوثه؛ الأمر الذي يلزم عنه أن النظر إذا أفضى إلى القول بما يُضاد خلق العالم وحدوثه يكون نظراً فاسداً لا محالة،
 وعلى نحو يكون فيه ما يئول إليه النظر علماً بحدوث العالم أو قولاً بقِدَمه هو الأصل في صحته أو فساده؛ وبما يعنى أن القيمة (صحةً أو فساداً) تنضاف إلى النظر بما هو فعل معرفي من شيء خارجه.

وأعنى من نوع المضمون المعرفي
الذي يُفترض أن هذا الفعل يثبته وينتهي إليه؛ حيث المضمون الذي يئول إليه النظر يبقى خارجياً بالنسبة له (أي النظر) كفعل.
 وإذا كان ذلك مما يتفق مع حقيقة أن "القيمة" تُضاف أبداً من الخارج في النسق الأشعري،
 لأن شيئاً في هذا النسق لا يتعيَّن بذاته أو يتقوَّم بنفسه؛
 فإنه يبقى أن ذلك الشيء من الخارج الذي يحدد ماهية النظر أو فعل الوعي،
 ويضفي عليه نوع قيمته لا يكون، هو نفسه، نتاجاً للوعي في الحقيقة،
 بل إنه يبدو- حسب الأشاعرة- مرتبطاً بما يسبق الوعي ويتخطاه،
بل ويفرض نفسه عليه موجهاً ومحدداً لكيفية اشتغاله.

إن ذلك يعنى أن الوعي لا يجد نفسه، فحسب، في مواجهة "دليل" لا يملك بإزائه إمكانية أن يستدل منه على نحو غير مشروط، بل إنه يجد نفسه أيضاً في مواجهة "المدلول" الذي ليس من عمل للوعي بإزائه إلا العثور على وجه الدلالة عليه من الدليل؛
 حيث "النظر الصحيح- على قول الجويني- هو كل ما يؤدى إلى الوجه الذي منه يدل الدليل".
والغريب حقاً أن إمكانية العثور على هذا الوجه (الذي يدل منه الدليل على المدلول)
لا تقوم- حسب الأشاعرة- إلا مع العلم المسبق بالمدلول؛
 لأنه "لما كان للدليل وجه يقتضى العلم، لم يُتصور العثور عليه إلا مع العلم بالمدلول"؛
 ويعنى بعبارة أصرح أنه "لا يُتصور ثبوت الدليل من غير ثبوت المدلول (أولاً)". وبالطبع فإن مثل هذا العلم المسبق أو القبلي Priori
 بالمدلول (الذي يوجه الوعي للعثور على الوجه الذي يدل منه الدليل عليه)
 لا يمكن أن يكون من الوعي،
 بل من شيء يتجاوزه ويتخطاه ويفرض نفسه عليه.
 وليس من شيء أبداً يسبق الوعي ويتخطاه- حسب الأشاعرة- إلا السمع أو النقل. 

وإذن فإنه العلم من مصدر مفارق يفرض نفسه على الوعي ويوجهه كلياً.
ولعل هذه الهيمنة على النظر أو الوعي تبلغ مداها بما جرى المصير إليه من أن "النظر الموصل إلى المعارف واجب، ومدرك وجوبه الشرع"؛
 وبما يعنى أن أمر الهيمنة على الوعي لا يقف عند مجرد تحديد كل من مضمونه وكيفية اشتغاله، بل ويتجاوز إلى حد تقرير وجوب هذا الاشتغال ذاته.
 والحق أن ارتهان الوعي لهذا الذي يجاوزه يتجلى صريحاً فيما صار الأشاعرة إليه من إن إفادة النظر للعلم إنما تتأتى من أن :
الله تعالى يخلق العلم عقيب تمام النظر بطريق إجراء العادة، أي تكرر ذلك دائماً من غير وجوب، بل مع جواز أن لا يخلقه على طريق خرق العادة لاستناد جميع الممكنات إلى قدرة الله تعالى واختياره ابتداء، وأثر المختار لا يكون واجباً.
وافترق أهل هذا المذهب فرقتين،
فمنهم من جعله (أي العلم) بمحض القدرة القديمة،
 من غير أن تتعلق به قدرة العبد، وإنما قدرته على إحضار المقدمتين وملاحظة وجود النتيجة فيهما بالقوة،
ومنهم من جعله كسبياً مقدوراً
 (على طريقة الكسب الأشعري الذي لا يفارق فيه الفعل كونه خلقاً من الله وكسباً من الإنسان).
 وهكذا فإن علاقة الوعي بما يفضى إليه من العلم هي أيضاً مما يقبل الفوات والخرق؛ وبما يعنى أنها علاقة هشة ولا تنطوي على أي ضرورة ابتداء من أن العلم إنما يحصل عقيب النظر أو حتى معه،
 وليس أبداً بسببه، لأن النظر- أو فعل الوعي-
"لا يولِّد العلم ولا يوجبه إيجاب العلة معلولها".
 ومن هنا أن "معنى تضمُّن النظر للعلم، أنهما بحال لو قُدِّر انتفاء مضاد العلم،
لم ينفك النظر الصحيح عنه (يعنى عن العلم) من غير إيجاب أو توليد،
مع أنه لا يحصل إلا معه".
وإذ يرتبط هذا الإقصاء للإيجاب والضرورة عن علاقة الوعي أو النظر بما يتعلق بهما من العلم، بإدراج كل ما يحصل عقيب فعل النظر أو معه ضمن فئة الممكنات
"التي تستند جميعاً إلى قدرة الله واختياره"؛
 فإن ذلك يعنى أن العلم المتحصِّل عقب النظر إنما يجد ما يؤسسه- حسب الأشاعرة- في مجرد الإرادة المتعالية لله، وليس أبداً في تعلُّقه بفعل النظر أو الوعي.
 وفضلاً عما يتكشَّف عنه ذلك من صورية الوعي وهشاشته،
فإنه يبقى أن هذا التصور لعلاقة الوعي بمتعلَّقه تنبني على قاعدة الخرق والفوات، سوف يتجاوب على نحو كامل،
 مع ما سيكشف عنه التحليل- لاحقاً- من تصور الخرق والفوات ينتظم بناء كل من العالم الطبيعي والعالم السياسي عند الأشاعرة.
 وإذ يحيل ذلك إلى أن بناء الوعي عند الأشاعرة يعكس،
 ثم ينعكس- هو نفسه- في بناء كل من العالمين الطبيعي والسياسي؛
وأعنى من حيث أن الخرق والفوات ينتظم بناءها جميعاً، فإنه يكشف عن الانتظام البنيوي لكل عناصر العالم الأشعري بحسب قاعدة الخرق والفوات التي يستحيل معها أن يشتغل قانون أو تحضر ضرورة.
وهكذا يئول النظام الأشعري،
 لا إلى مجرد الإفقار الكامل للوعي؛ وأعنى من حيث تكريس تبعيته لمصدر مفارق،
 بل وإلى ما يشبه نفيه وإلغاءه،
 لأنه "لو أحدث الله السموات والأرض ولم يُحدِث عاقلاً ينظر ويستدل، فلا تخلو الحوادث إما أن تكون أدلة مع انتفاء المستدلين أو لا تكون أدلة، فإن لم تكن أدلة وجب أن لا تدل أيضاً عند وجود العقلاء، إذ من المستحيل انتفاء صفة نفس في حال وثبوتها في أخرى"؛
 وبما يعنى أن كينونة الدليل غير مشروطة بحضور العقلاء،
 بل إنها تكون قائمة (أعنى أنطولوجياً) حتى في حال غيابهم وانتفاء وعيهم.
 ولكن ذلك لا يعنى أبداً إضفاء أي قيمة على الدليل في معية المدلول وبإزائه؛
 حيث "الدليل لا يتضمن المدلول..،
 لأنّا لو قلنا إن العالم يدل على الصانع سبحانه وتعالى، لزمنا أن نقول إنه يتضمنه ويقتضيه ويوجبه، وذلك مستحيل، إذ الباري سبحانه غير مُقتضى ولا موجب..،
(وإذن) فإن الدليل يتعلق بالمدلول ولا يتضمنه،
والإحاطة بوجه تعلق الدليل بمدلوله يتضمن العلم، وهذا لا يتضمن رجوع العلم والتعلق إلى الدليل".

إذ الدليل مجرد أمارة أو إشارة- بحسب الباقلانى- 
يُتوصل بها إلى ما ورائها (أعنى المدلول)،
والأمارة من حيث هي مجرد أداة، لا يمكن أن تكون أساساً للعلم،
 بل العلم يرجع إلى ما يقوم وراءها. وبالطبع فإنه ليس من شيء يقوم وراءها إلا ما تدل عليه، أو المدلول (الذي هو "الله" هنا)، والذي لا بد أن العلم وتعلُّق الدليل به يرجعان إليه وحده.
وإذن فإنه الإفقار للدليل
- الذي هو العالم الحادث بالطبع، والذي لا يرجع إليه العلم، تماماً كما أنه لا يرجع للوعي الذي تم إفقاره أيضاً-
 هو جوهر ما ينتهي إليه النظام الأشعري.
والحق أن كون العلم لا يرجع- هكذا- إلى أيِ من الدليل (العالم) أو نظر المستدل (الوعي)،
 إنما يحيلُ إلى الأولوية المطلقة للمدلول (وهو المطلق خارج العالم) الذي يترفَّع ضمن سياق علاقة مع الدليل (العالم) والمستدل (الوعي) تنبني على نفي أي حضور فعال لهما؛
وأعنى من حيث يتحدد وضع العالم داخل هذه العلاقة
- على فرض أنها حقاً علاقة- كمجرد دليل أو أمارة،
فيما يتحدد عمل الوعي في مجرد الإحاطة بوجه تعلُّق هذه الأمارة بالمدلول أو الصانع سبحانه. ومن هنا أن الوعي،
 في كليته، لا يتجاوز في علاقته مع العالم حدود الانشغال ببيان وجه دلالته على ما يتجاوزه،
 وليس بالكشف عن قوانين كامنة تفسره وتنكشف دلالتها ضمن حدوده.
وإذا كان توظيفاً لمفردات الأصول
 (والعلم الذي تسيّدته الأشعرية؛ أعنى علم أصول الدين، يستمد تسميته من الانتساب إليها)
يتكشف عن تعيُّن المدلول كأصل أولي، فإن العالم لابد أن يتبدى، في مواجهته،
كمجرد فرع يستفيد كامل حضوره ومعناه من مجرد انطوائه على أوجه الدلالة على هذا المدلول/الأصل،
 ومن دون أن يكون منطوياً في ذاته وضمن حدوده على قانونه ومعناه؛
 لأن العالم حين ينتصب كمجرد "دليل"،
 وتغدو ظواهره مجرد أوجه للدلالة، فإن ذلك يعنى أن معنى الظاهرة- أي ظاهرة-
 لا يقوم فيها، أو حتى في العالم الذي ينطويها،
 بل يقع دوماً خارجهما؛ وأعنى في ما يدلان عليه أو يشيران إليه، باعتبارهما علامة عليه.
 وهنا يُشار إلى حقيقة الانحلال اللغوي للعالم والعلامة إلى جذر معجمي واحد (عَلَم)؛ الأمر الذي يتجاوب مع تصور العالم مجرد دال أو علامة،
حيث العلامة بدورها هي شيء عارض ويظل معناه خارجه على الدوام.
وهكذا فإن كون "المدلول" هو الواقعة الأولى التي يجد الوعي نفسه في مواجهتها غير قادر على الانفلات من سطوتها،
لا يئول إلى مجرد إفقاره (أي الوعي) فقط،
 بل ويئول كذلك إلى إفقار "العالم" الذي يُقصى منه القانون والمعنى ليبقى مجرد علامة لا قيمة لها إلا من حيث تدل على ما وراءها.
ولعل ذلك هو ما أدركه ابن خلدون،
 حين مضى إلى أنه إذا كان "الجسم الطبيعي ينظر فيه الفيلسوف في الطبيعيات وهو بعضٌ من هذه الكائنات، إلا أن نظره فيها مخالف لنظر المتكلم
 (الذي هو المتكلم الأشعري بالأساس)،
وهو (الفيلسوف) ينظر في الجسم من حيث يتحرك ويسكن
(يعنى بحسب قوانين الحركة والسكون)،
 والمتكلم (الأشعري دوماً) ينظر فيه من حيث يدل على الفاعل.
وكذا نظر الفيلسوف في الإلهيات إنما هو نظر في الوجود المطلق وما يقتضيه لذاته، ونظر المتكلم في الوجود من حيث إنه يدل على الموجد".
وهكذا فإنه ليس ثمة، عند المتكلم، من حضور للعالم أو الوجود على العموم،
 إلا من حيث كونهما يدلان على ما يتعداهما ويقوم وراءهما.
 (ابن خلدون ج3 ص1082)

وبالطبع فإن هذا التحديد لفعل الوعي ابتداء،
 هو ما يؤسس لآلية إنتاج المعرفة، لا داخل النسق الأشعري فقط،
 بل- بالأحرى- داخل الثقافة بأسرها؛
 والتي كان لابد أن يتحول فعل المعرفة فيها، تبعاً لذلك،
 إلى مجرد نوع من الانتقال الفقير من "فرع" يستفيد حضوره ودلالته من إلحاقه "بأصل" يقوم سابقاً عليه،
 أو من "دليل" هو مجرد أثر وعلامة على "مدلول" هو مصدر المعنى وأصل الدلالة؛ وذلك في سياق نوع من المقايسة التي لا يتجاوز السعي فيها حدود تكريس سلطة الأصل/المدلول، التي هي القناع المعرفي لسلطة الأب/المستبد؛
 وأعنى بالطبع أن سلطة المستبد قد بدأت من هنا سيرورة التخفي وراء سلطة هذا الأصل الذي ظل يعمل للآن كقناع معرفي لها.
فإذ الأصل "هو ما يُبتنى عليه غيره"؛
 وبما يعنيه ذلك من أوليّته ومفارقته وعدم قابليته للتغيّر لقيامه بذاته في غير حاجة لغيره مع احتياج الغير له،
فإنه يكاد- هكذا- أن يختزل كل سمات الاستبداد العربي وملامحه التي تنطق بها قسمات حكَّام أو أنصاف آلهة لا يعرفون في تسلطهم على مقادير هذا العالم البائس، أي غياب.


تم النشر في موقع الأوان بتاريخ 13 مايــــــو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق