السبت، أكتوبر 01، 2011

‬خطاب النخبة المصرية‮ »‬أعور‮«!!‬



يعمل علي مبروك في هدوء،‮
 ‬يحاول قراءة مسيرة الحداثة العربية وتفكيكها،‮
 ‬للوقوف علي اسباب انتكاساتها،‮
‬وبدون صخب يقرأ الاستاذ المساعد بقسم الفلسفة في آداب القاهرة،‮ ‬
مشاريع‮ »‬الباشا‮« ‬القديم،‮ ‬
و»الجنرال‮« ‬الحديث،‮ ‬
ينزع الاستار المتراكمة عن الامام الشافعي،‮
‬وصولاً إلي ثورة الخامس والعشرين من يناير‮.‬


لا يهدف كاتب لعبة‮
»‬الحداثة بين الجنرال والباشا‮« ‬
عبر دراساته ومقالاته إلي مهاجمة الاشخاص،‮
‬ولكن إلي نقد الخطاب الذي تقدمه تلك الشخصيات كي يصل‮ 
 ‬ـ ليس وحده ولكن مع الآخرين‮  ‬ـ
 إلي سد فجوات الخطاب وإلي تعميقه كي يستطيع قراءة الواقع بطريقة سليمة،‮
 ‬تمكن من بناء مستقبل مختلف،يغاير الماضي،‮
 ‬الذي عمل علي بناء اشكال للحداثة وليس جوهرها،‮ ‬علي حد تعبيره‮.
 ‬ربما يبدو صاحب‮
»‬ما وراء تأسيس الاصول‮: ‬مساهمة في نزع أقنعة التقديس‮« ‬
قاسياً في حديثه عن النخبة ولكن يبقي هدفه استغلال الفرصة التي جاءت مع الخامس والعشرين من يناير
 لتصبح ثورة حقيقية تصل إلي العمق المعرفي للمجتمع المصري‮.‬
مبروك أيضا واحد من أهم زملاء نصر أبو زيد ورفاق رحلته البحثية في‮
»‬الدراسات القرآنية‮« ‬
بالإضافة إلي ذلك فلقد رافقته في رحلته الأخيرة إلي أندونيسيا للبحث في مشروعهما المشترك حول إنشاء المعهد الدولي للدراسات القرآنية‮.‬

دعنا نبدأ من مشاكل النخبة كما تراها قبل الخامس والعشرين من‮ ‬يناير‮ .. ‬خاصة وان جزءا من اعمالك‮ ‬ينصب علي محاولة نقد هذه النخبة؟
طوال الوقت أنا لا اناقش النخبة كأفراد،‮ ‬ولكن خطاب النخبة،‮ ‬
فالمشكلة ليست في افراد،‮ ‬فقد يكون الاشخاص حَسني النوايا ومخلصين جداَ،‮ ‬ويسعون بالفعل إلي الاصلاح،‮ ‬ويدفعون ثمن ذلك،‮ ‬
هذا لا يملك أحد أن يناقشه او أن يجادل فيه‮.‬
لكن المشكلة أن رؤي النخبة،‮ ‬أو الخطاب الذي يقدمونه هو خطاب أعرج،‮ ‬
فالخطاب الذي تقدمه النخبة للاصلاح يقع في براثن الخطاب الذي تواجهه وتريد تغييره وزحزحته‮.‬
وإحدي أزماتنا أن الانشغال لدينا هو انشغال بالاشخاص،‮
 ‬وليس بما يقدمونه،‮
وأنا طوال الوقت مشغول بتوجيه الالتفات إلي الخطابات لا إلي الاشخاص،‮
‬وليس لديّ‮ ‬مشكلة مع أي شخص ولكن لديّ‮ ‬مشكلة مع الخطاب الذي يقدمه ذلك الشخص‮. ‬
خاصة أن معظم الخطابات لدينا هي خطابات عوراء‮.‬
بمعني انها عاجزة عن التأثير الفعال،‮ ‬والمنتج في الواقع،‮ ‬فالخطاب عندما يكون مبنياً‮ ‬علي مفاهيم ملتبسة،‮ ‬وحجج‮ ‬غامضة وتراكيب هشة ورثّة،‮
‬ولا يقوم بعمليات فحص واختبار لتلك المفاهيم،‮ ‬والحجج التي يقوم عليها،‮
‬ويكتفي فقط بالاتساق الظاهري يصبح خطاباً‮ ‬شكلياً‮ ‬وغير قادر علي إحداث تغيير في الواقع،‮ ‬وحتي إن كان يحوز قدراً‮ ‬من الإجماع الجماهيري سيظل من داخله خطاباً‮ ‬مأزوماً‮.‬

وما أبرز الأسس التي تري أن خطاب النخبة‮ »‬الأعور‮« ‬يرتكز عليها؟
عندما اتحدث عن خطاب النخبة فأنا اقصد..
 خطاباً‮ ‬بدأ في التشكل مع بدايات القرن التاسع عشر،‮
‬وتلك البداية لا تعني فقط رفاعة الطهطاوي،‮ ‬
ولكن هناك شخصا اسبق من الطهطاوي وإن كان ما حفظه لنا التاريخ من ذلك الشخص ليس بالكثير وهو المعلم يعقوب،‮
 ‬وتجد في إحدي عباراته التي وصلت الينا ما يمكن اعتباره‮
 »‬العبارة التأسيسية‮« ‬بامتياز،‮
 ‬لخطاب ظل مهيمناً‮ ‬إلي تلك اللحظة حيث يقول ان‮:
 »‬التغيير في مصر لن يكون نتاج انوار العقل،‮ ‬ولا اختمار المذاهب الفلسفية،‮ ‬وانما سيكون تغييرا تصنعه قوة قاهرة علي قوم وديعيين جهلاً«
هذه العبارة بالنسبة لي دالة علي مسيرة التحديث العربي منذ القرن التاسع عشر
 حتي الآن،‮ ‬
التي هي بالفعل محاولات لبناء التحديث بالقوة،‮
 ‬حيث نجد قوة ما تتشكل وتسعي لفرض التحديث علي مجتمعات تقليدية،‮
‬من هنا ظل مشروع الحداثة العربي
 إما مشروع‮ »‬باشا‮« ‬بالمعني السياسي الضيق،‮ ‬
أو مشروع‮ »‬جنرال‮« ‬بمعني حكم العسكر،‮
‬ولم تكن الحداثة في أي وقت من هذا الزمن الممتد حداثة مجتمع،‮ ‬أو جماهير‮.‬
عندما نري تاريخ التعليم في مصر منذ عهد محمد علي
 فسنجد أن التعليم طوال الوقت هو عملية إجرائية الهدف منها إنتاج كوادر
 تخدم مشروع الدولة
،‮ ‬أما مسألة خدمة المجتمع واعادة صياغة عقله فهذا أمر‮ ‬غير موجود.
التعليم لدينا يخلق عقلاً اجترارياً وليس عقلاً نقدياً،‮ 
‬لهذا السبب نجد في الفترة الاخيرة عودة القوي التقليدية



وانها هي الفعالة بشكل اساسي مثل العشيرة والقبيلة


وإلي آخر تلك الأشكال التقليدية،‮


‬واذا نظرنا إلي الصراع الموجود الآن في العالم العربي


سواء في ليبيا او سوريا او اليمن فسنجد أن الأشكال التقليدية القبلية


هي التي تقوم به،‮ ‬فالعالم العربي في السنين الاخيرة اصبح مفرخة للاستبداد والفساد والارهاب،‮


‬ومثل هذه النتيجة لا يمكن أن تخرج من مجتمع تعرض لعملية تنوير‮.‬
ونحن الآن نخاف من سيطرة الاسلاميين او السلفيين علي الحكم في مصر
بعد قرنين من عملية الحداثة المفترض حدوثها منذ وقت محمد علي،‮
 ‬وفي النهاية نجد أن هذه القوي التقليدية هي المؤهلة لأن تكسب الساحة،‮
 ‬وتحظي بقدرة كبيرة علي التأثير في الجماهير،‮
‬وهذا يعني اننا يجب أن ندفع ثمن إهمالنا للمجتمع
‮ 
من‮ »‬نحن‮« ‬هنا؟
نحن هنا بالفعل ضمير ملتبس،‮
‬يشمل الدولة والنخبة بشكل ما،‮
‬فأنا اعتبر نفسي واحداً‮ ‬من الذين سيدفعون الثمن
 على الرغم من كوني ناقداً لهذا الخطاب،‮
 ‬والنخبة المرعوبة الآن يجب أن تدرك أن هذا ثمن سنوات طويلة من عدم الالتفات لعقل المجتمع وحالته،‮
 ‬فالاهتمام بالمجتمع ليس فقط ببناء الكباري أو الطرق الدائرية وإهمال كل ما يتعلق بالعقل‮.‬

ولكن أعضاء التيار الاسلامي بألوانه من الإخوان إلي السلفيين ليسوا نبتاً شيطانياً ولكنهم موجودون ومنتشرون منذ فترة‮.. ‬فلماذا نري تلك الصدمة التي تشعر بها النخبة الآن؟‮ ‬
إذا حاولت تفسير تلك الصدمة بشكل حسن النية فهي بسبب أن الناس تدرك أن أمامها عملاً‮ ‬طويلاً‮ ‬من أجل عدم سرقة المجتمع‮..‬

‬ولكن مرة أخري من هم‮ »‬الناس‮«...
‬بمعني آخر هل بالفعل الجماهير في الشارع تخاف من مجيء الإسلاميين‮..‬
أم أن تلك مخاوف نخبة معزولة؟
بشكل ما الجماهير لا تمتلك نفس مخاوف النخبة من الإسلاميين،‮
 ‬وذلك لأن هذه الجماهير أفزعها فساد مبارك ورجاله،‮ ‬
وأصبح بالنسبة لها الحل في مزيد من الاخلاق،
‮ ‬لأن مبارك ونظامه كانوا بلا أخلاق،‮
 ‬كما أن هذا التيار الذي يتحدث باسم الدين ربما يكون أكثر أخلاقاً‮ ‬من ‮ ‬نظام مبارك،‮ ‬وبالتالي فهم بديل أفضل‮.
‬بالتأكيد الناس معذورة في ذلك الشكل من التفكير،‮ ‬وهذا سيرجعنا مرة أخري إلي أننا بلا مؤسسات،‮ ‬فالمؤسسات التي يمكن أن تقوم بعمليات المراقبة والمحاسبة والمساءلة‮ ‬غير موجودة،‮
 ‬فأصبحنا نعول علي ضمير الشخص وأخلاقه ومدي خوفه من الله،‮ ‬والتي هي في النهاية كلها معايير ذات طبيعة شخصية جدا‮.‬
وهنا إذا رجعنا مرة أخري إلي رفاعة الطهطاوي الذي انبهر بفرنسا
ورأينا كيف يكتب عن الحاكم،‮ ‬فلا نجد أنه يتحدث عن آليات مؤسسية يمكنها مراقبة ومحاسبة ذلك الحاكم،‮ ‬
ولكنه حين يتحدث عن القوة الرادعة للحاكم فهي الحياء،‮ ‬والضمير،‮ ‬ويمكن أن يسدي اليه النصح ولكن بحدود‮. ‬
وهذا يجعلنا نطرح تساؤلاً كبيراً حول مفهوم‮
»‬الدولة الحديثة‮« ‬
الذي يتحدث عنه الكثيرون في العالم العربي الآن،‮ ‬
هل لدينا بالفعل دولة حديثة أم أن حالنا يشبه ما تحدث عنه الشاعر العراقي معروف الرصافي في بداية القرن العشرين‮
»‬علم ودستور ومجلس أمة‮..
 ‬كلٌ عن المعني الصحيح محرف‮ «


 ‬وان كل ما نتحدث عنه باعتباره مؤسسات هي مجرد هياكل صورية أو ادوات تحقق من خلالها الارادة المستبدة للحاكم ولا تشكل اي نوع من انواع الحدود


علي ارادة هذا الحاكم،‮


‬ما يجعل الجمهور الآن‮  ‬يتجه إلي‮ »‬اصحاب الاخلاق‮« ‬


لأن المؤسسات لم تفد بشيء‮.‬

في هذا السياق كيف تري‮ ‬25‮ ‬يناير؟
‮٥٢ ‬يناير فتحت الباب لنا أمام فرصة،‮
‬فإما أن نكون علي مستوي اللحظة والتحدي،‮
 ‬وأن نتفاعل بشكل إيجابي‮  ‬مع تلك اللحظة الهامة،‮
وإما ستدخل مصر والعالم العربي في نفق مظلم يعلم الله مداه‮.‬

مرة ثانية‮... ‬إلي من توجه ضمير المخاطب هنا؟
إلي النخبة التي يجب أن‮  ‬تستشعر حساسية اللحظة الراهنة،‮ ‬
ولكن ما يبدو لي حتي الآن‮  ‬ليس مطمئنا بشكل كبير،‮
 ‬فكي نكون علي مستوي اللحظة يجب أن نعي دلالتها علي مستوي السياق التاريخي،‮ ‬ويجب أن نري من أين جئنا لنصل إلي هذه اللحظة،‮ ‬واين نود الذهاب!!
وما يبدو لي حتي الآن أن ممارسات النخبة لم تتغير،‮
‬واسوأ ما فيها انها حتي الآن‮  ‬غارقة في مستوي التخاصم والتناطح الايديولوجي،‮ ‬وهذه ليست الشروط اللازمة لكي تتحول‮ ‬25‮ ‬يناير إلي ثورة،‮
‬حتي الآن‮  ‬نحن امام مشروع ثورة،‮ ‬والامر لا يتعلق بتغيير رأس السلطة،‮
‬أو باستبدال سلطة محل اخري‮.‬
ولكن السؤال هو‮:
 ‬هل نملك الآن‮  ‬شروط بناء النظام الجديد؟
 ولا اقصد هنا فقط الفهم السياسي لهذه الشروط،‮
 ‬ولكن ما اقصده هو الفهم المعرفي لدلالة ما حدث،‮ ‬وأكتفي فقط بطرح السؤال
والأيام والممارسات ستجيب عليه‮.‬

روج النظام وبعض المثقفين أن أي تحرك جماهيري يمكن أن يحدث سيكون اسلامياً،‮ ‬ولكن يمكن القول بثقة أن‮  ‬أيام التحرير كانت ذات مسحة علمانية،‮ ‬كيف تفسر ذلك ولماذا تبدو تلك الحالة‮ ‬غائبة حالياً؟‮
اللحظة من‮ ‬25 ‬يناير وحتي‮ ‬11‬ فبراير
هي لحظة استثنائية لا يمكن القياس عليها،‮ ‬
وتظل لحظات فارقة في تاريخ حياة الشعوب،‮ ‬
بالتأكيد كانت لحظة فريدة اجتمع فيها كل الناس علي مطلب واحد تريد أن‮  ‬تقبض عليه بأيديها،‮
 ‬وهذا ما شكل تلك اللحظة وليس علمانية الناس أو حداثتهم،‮
 ‬ولكن اتفاقهم علي مطلب واحد وواضح ولا مجال فيه للاختلاف بين كل الناس المحتشدة في كل مدن مصر‮.‬
لكن المشهد اختلف بعذ ذلك لأننا رجعنا إلي السياق العادي،‮
‬وانتهت اللحظة الاستثنائية،‮
‬وعدنا إلي الممارسات التي أتحدث عنها وأريد توضيح أن حديثي عنها لا يعني رفضاً لها ولكنها محاولة لنقدها،‮
 ‬رغبة في مزيد من العمق للحوارت الدائرة‮.‬

ما الذي تقصده بتعميق الحوار‮...‬
أي المناطق تحديداً‮ ‬التي تري أنها تحتاج إلي ذلك التعميق؟
دعني اضرب لك مثلا من الحوار الدائر بين الدينيين والمدنيين حالياً،‮
 ‬والذي لا افهم علي أي ارضية يقف،‮
 ‬فمثلاً
 عندما يدور الحوار بين احد دعاة الدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية
وبين أحد دعاة المشروع العلماني،‮
‬يتحدث الديني عن عدم إمكانية تولي‮ ‬غير المسلمين الولاية العامة،‮
‬فيرد عليه المدني بأن هذا تمييز،‮
‬فيجيب الديني بالموافقة،‮ ‬
أجل هذا تمييز اجمع عليه الفقهاء‮. ‬

وهنا يقف صاحب المشروع العلماني حائرا أمام هذا»الاجماع‮«.‬
وما اقصده بتعميق الحوار هنا،‮ ‬
أن صاحب المشروع الديني هو اما جاهل او مرواغ،‮
 ‬فإذا كان جاهلاً فيجب أن يعرف واذا كان مراوغا فيجب كشف مرواغته،‮ ‬
ففي هذه الحالة يجب علي صاحب المشروع المدني الا يقف امام حائط‮ »‬الاجماع‮« ‬وانما يجب عليه اختراقه بالسؤال عما يعنيه هذا الاجماع،‮
‬بل يرد السؤال إلي مستوي اكثر عمقا بالسؤال عن معني المنظومة الفقهية اصلاً،‮
‬فهل الفقه هو القرآن؟
 أم انها منظومة خلقت بفعل كثير من المحددات التاريخية والمجتمعية والسياسية والاقتصادية لظرف بعينه‮. ‬
فالامام مالك عندما يتحدث عن اصول فقهه فمنها أعراف اهل المدينة،‮ ‬
اذن ما تعارف عليه اهل المدينة اصبح في الفقه له قوة النص القرآني،‮
 ‬لذلك عندما اراد الخليفة ابو جعفر المنصور تعميم كتاب‮
»‬الموطأ‮« ‬للامام مالك
علي جميع البلاد،‮ ‬


رفض مالك لأن عادات اهل العراق تختلف عن عادات اهل المدينة،‮


‬وكل بلد له عادات واعراف مختلفة‮. ‬


فالفقه يحمل من المجتمعي والسياسي الكثير،‮ ‬


ولكن مرواغة صاحب المشروع الديني باستعمال‮ »‬الاجماع‮« ‬تهدف إلي خداع الجمهور عن طريق الخلط بين الفقه والدين‮.‬
وعندما يقف داعية الدولة المدنية امام‮ »‬الاجماع‮« ‬فهذا يعني انه قبل الفرضية التي يطرحها الآخر والتي تساوي بين الفقه والدين،‮
 ‬وبالتالي إذا عارضت الدولة المدنية ما يقول به الفقه فكأنها تعارض الدين‮.‬
هذا ما اعنيه بالأسس التي تعمق الحوار،‮
‬ولكن ما يحدث أن الجميع يصنع تراكيب بالغة الهشاشة ويخوضون بها نقاشا‮ ‬غاية في الضحالة،‮ ‬وهذه اسوأ طريقة في الاشتغال المعرفي‮.‬
فمن يريد إقامة دولة دينية ذات مرجعية دينية قائمة علي التباس بين أن
الفقه هو الدين،‮ ‬
وهكذا نبدو كمن يريد أن يسلم مصر إلي من يبني مشروعاً‮ ‬خاطئاً‮ ‬من اساسه،‮ ‬وبالتالي فان مستقبل البلاد لا يعنيه‮.‬
ونفس المشكلة موجودة في الخطابات الأخري
فالجميع في الهم سواء المدني والديني والحداثي،‮
 ‬والهدف من مثل هذه النقاشات ليس تفنيد خطاب الخصم،‮ ‬
ولكن بالاساس تنبيهه إلي انه لا يوجد خطاب يمكنه بناء واقع مشرق بدون أن‮  ‬يكون مبنياً‮ ‬علي اساس سليم‮. ‬
واتمني ألا تقام تلك النقاشات في برامج التوك شو،‮ ‬ولكن بعيداً عن ماكينة الاعلام،‮ ‬فهناك في كل فريق من هو مهموم بمستقبل البلد وليس فقط ما يمكن الفوز به من الكعكة الحالية‮.‬

كيف تري سبيل الخروج من تلك الدائرة؟
يجب أن نبني الشروط التي تسمح بمصر مختلفة
ولن نصنع ذلك الا اذا انتقلنا من الخطاب القديم،‮
 ‬الذي يعمل فقط علي صناعة توافق شكلي خارجي،‮
‬فيصبح لدينا كل شيء ولكن من الخارج فقط لدينا مؤسسات شكلية،‮ ‬ودولة شكلية،‮ ‬وحتي الدين لدينا شكلي،‮ ‬بينما الجوهر خال تماما‮.
‬لذلك اصبحنا في ذيل الامم بسبب الخواء الفظيع الذي نحيا فيه،‮ ‬
وكما ذكرت فنحن امام فرصة يمكن أن تخرجنا بعيداً‮ ‬عن تلك الدائرة،‮ ‬اذا وعينا بمتطلباتها‮.‬
وأولي تلك الخطوات أن نتجه إلي إنقاذ النخبة،‮
 ‬ومن سيقوم بهذه العملية هم ذلك الجزء من النخبة الذي يمتلك خطابا نقديا يجعله قادراً‮ ‬علي رؤية الفجوات في خطابه قبل رؤية فجوات خطابات الآخرين،
‮ ‬كي نفتح باباً لتجاوز التلفيق والشكلانية الهشة‮. ‬
وهذا التجاوز هو ما يسمح فعليا ببناء دولة المؤسسات،‮ ‬دولة الحق،‮ ‬وهذا ما يسمح بإعادة تشكيل العلاقة‮ ‬بين الدولة وبين المجتمع‮.‬

تم النشر في جريدة أخبار الأدب بتاريخ في 1 اكتوبـــــر 2011
كتب / محمد فرج
لينـــــــك المــوضـــــــوع




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق