الثلاثاء، أغسطس 07، 2012

علي مبروك يكتب عن الدولة الحديثة في "ثورات العرب"




يحتاج الواقع في الحقيقة إلى وضوح رؤية ونفاذ بصيرة ودقة وصف ،
 يحتاج واقعنا العربي هذه الأيام إلى الدليل والمرشد، تغيير أفق وسعي إلى منظومة مختلفة  وأكثر تطورا وتحرراً حقيقياً ،
 ثورات عالمنا العربي تحتاج حقا لهذا النوع من الخطاب ، خطاب التأسيس ،
 كما وصف الدكتور على مبروك في كتابه " ثورات العرب " الصادر عن دار العين للنشر .
وكما جاء في بيان الدار ففي عنوان ملخص ودقيق،
جاء هذا الكتاب الذي ظل مشروعا مرجأ، محفوظا لسنوات في الحاسوب
كما يقول مؤلفه، حتى وقعت الواقعة وأسقطت مبارك ونظامه الكابوسي الراكد ،
فبدا وكأن لحظة ظهوره قد حانت أخيراً، هي مصر حقاً ، مصر مرة أخرى ،
 مصر التي شهدت التأسيس الأول في عهد الدولة العربية الحديثة قبل قرنين مع الباشا الطامح " محمد علي " ،
والتي يجب على نخبتها الراهنة أن تكون على وعي بأنها تملك فرصة التأسيس الثاني لتلك الدولة، وإلا فإنها ستكون قد فقدت فرصة تاريخية لن تتكرر إلا بعد وقت طويل.
 يسعى الكتاب إلى هذا الخطاب الذي يؤسس حقاً لدولة حديثة،
 وبالطبع فإن التأسيس  لدولة " الحق " على حساب دولة " القوة " القامعة ،
 لن يكون ممكنا إلا  عبر تجاوز الخطاب الذي ساد على مدى القرنين المنصرمين ، التحول من خطاب لم تفلح كل زركشات وزخارف الحداثة على سطحه أن تغطي على جوهره الوصائي الأبوي التسلطي، الذي يؤسس لما يسود من علاقات الإذعان والخضوع،
 إلى خطاب ذي أفق عقلاني نقدي يؤسس لعلاقات التفاعل والحوار والندية
 التي هي الأصل فيما يتطلع إليه الكافة، في العالم العربي، من دولة المواطنة المدنية، كبديل للدولة الطائفية العشائرية الأبوية الاستبدادية الراهنة ،
 بل إن مؤلف الكتاب د. علي مبروك  يخشى أنه من دون هذا الخطاب الجديد، فإن العرب لن يفعلوا إلا أن يحرثوا البحر من جديد. 
ويقول في كلمته الأخيرة:
 " إن الانتقال من الاشتغال بآلية الجمع " التجاوري "
 الذي يتحدد بحسبها بناء كل من الواقع والخطاب الذين يسودان عالم العرب
 على التأسيس المعرفي للمفاهيم  التي يتداولها الكافة من الأيديولوجيين السابحين "على تنوع تياراتهم وأطيافهم" على سطح خطاب راكد،
 من غير تدقيق وفحص وضبط، بل عبر ضروب فادحة من التعميم والتلفيق التي حالت، وستظل تحول، دون أن تتجاوز مصر، ومعها العرب، واقعاً فرضت عليه إكراهات الأيديولوجيا،
 أن يعيش انقساماً فاجعاً بين جوهره ومظهره، وهو الانقسام الذي يسعى العرب بثوراتهم، إلى تخطيه ورفعه .
وغني عن البيان أن ذلك لن يكون ممكناً إلا بترسيخ خطاب التأسيس " .

تم  النشر في المحيط بتاريخ 7 أغسطــــس 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق